كتب د.صلاح حزام:
للحرب الروسية الاوكرانية تكاليف مختلفة مادية ومعنوية.
لكني أريد التركيز على الأثر الاقتصادي بعيد المدى والخطير الذي تتعرض له العديد من دول العالم ولاسيما اوربا الغربية.
للوهلة الاولى يذهب الانتباه الى ارتفاع تكاليف استخدام الطاقة الى حدود غير مسبوقة والتي ادت الى ارتفاع حصة الطاقة في هيكل تكاليف انتاج السلع المختلفة.
لكن كلفة الطاقة ادت الى رفع تكاليف انتاج كل شي تقريباً ومن ذلك حتى مدخلات الانتاج الوسيط التي تستخدم في صنع السلع النهائية اضافة الى تكاليف الشحن والخدمات الاخرى.
كذلك فان القوى العاملة بدأت تشعر بوطأة ارتفاع الاسعار وأخذت تطالب بزيادة الاجور او التهديد بالاضراب.
بعبارة أخرى فان المنتجين يواجهون تكاليف متصاعدة من كل الاتجاهات .
هذا يعني انهم امام هيكل تكاليف جديد :
اعلى من سابقه من ناحية ، وتتغير فيه حصة كل عنصر من عناصر التكاليف من ناحية أخرى.
ذلك يقود حتماً الى زيادة اسعار بيع المنتجات لتجنب الخسارة ولضمان حد مقبول من الارباح.
مقابل ذلك ، فأن الصين ، المنافس الأشد اقتصادياً لاوربا الغربية والولايات المتحدة ، لازالت تحصل على الطاقة من روسيا باسعار تفضيلية ومنخفضة عن تلك التي تحصل بها اوربا على الطاقة.
هذا الوضع يجعل الصين اكثر قدرة على المنافسة من خصومها الاقتصاديين التقليديين.
ذلك يجعل الصين تستطيع تصدير منتجاتها بشكل اكثر حتى الى الاسواق الاوربية وغير الاوربية بسبب استقرار اسعار منتجاتها.
التاريخ الاقتصادي لم يشهد عمليات عودة الاسعار والاجور
الى سابق عهدها عندما تزول اسباب ارتفاعها.
الاسعار والاجور تتحرك بنفس طريقة رأس السهم الذي يخترق بسهولة لكنه يصعب اخراجه.
كل سلعة لها بائع ومشتري ، اذا زاد السعر وافق البائع وتذمر المشتري لذلك ليس من السهل اقناع البائع بالتنازل عن مكاسبه.
والمشتري المتضرر سوف يحاول نقل العبء على جهة اخرى قد يكون هو البائع عند تعامله معها.
قد تنتهي الحرب الاوكرانية الروسية ، لكن هيكل التكاليف الذي يسود الآن لن يتغير تماماً ، قد يتغير بحدود لكنه لن يعود الى سابق عهده.
من ناحية الصراع الاستراتيجي للهيمنة على الاسواق ، هذا العامل واقصد عامل التنافسية، ليس بسيطاً او ثانويأً.
الصين تبيع منتجاتها حتى داخل السوق الاوربية والامريكية بشكل متصاعد. ..وسوف تتحسن قدرة الصين التنافسية اكثر بسبب الحرب الاوكرانية..
ماذا تفعل الدول الغربية ؟ هل تمنع دخول المنتجات الصينية؟
ذلك غير ممكن لانها دول تتبنى اقتصاد السوق الحرة وتدعو الى حرية التجارة بين الدول .. كذلك فأن الفرد العادي في الغرب بحاجة الى السلع الصينية الرخيصة ولن يقبل بحرمانه منها ..
اكثر الناس ينشغلون بنتائج الحرب اليومية في ساحات القتال
دون الالتفات الى الابعاد الاكثر خطورة لتلك الحرب.
الحرب ليست فقط من اجل احتلال الارض ، بل من اجل تغيير النظام الدولي السائد..