يس عراق: بغداد
لم يعد الحديث عن امكانية خفض سعر صرف الدولار يغري او يثير اهتمام المختصين بالاقتصاد، حيث يبدو انه تحول لامر واقع لايمكن تغييره قريبًا، لذلك انصرف المختصون للحديث عن اثار هذا الارتفاع والقلق من ارتفاع الاسعار في السوق العراقي الذي يعتمد بغالبيته على الاستيراد بالدولار.
وبدأ العراقيون بالفعل يلمسون ارتفاع بعض انواع السلع، وفي مثال على ذلك لمس احد المتبضعين ارتفاع سعر السكَائر التي يشتريها بنسبة 10% مقارنة باسعارها قبل ارتفاع سعر الدولار الذي يبلغ حدود ارتفاعه قرابة 5 إلى 6%.
ويحذر خبراء مما يسمى بـ”لزوجة الاسعار” وهي صعود الاسعار بسرعة ومرونة مع ارتفاع اسعار الدولار، وصعوبة انخفاضها وانخفاضها ببطئ شديد بعد انخفاض الدولار.
يقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، في ايضاح تابعته “يس عراق”، إن “الارتفاع الحالي في سعر صرف الدولار مقابل الدينار هو ارتفاع مؤقت مهما طال امده ولكن المشكلة ان اسعار السلع قد ارتفعت نتيجة لارتفاع سعر صرف الدولار وعندما يعود الدولار الى مستواه السابق لن ترجع اسعار السلع الى ما كانت عليه قبل ارتفاع الدولار لان اسعار السلع مرنة في الصعود وغير مرنة في النزول وهو ما سيلحق الضرر باصحاب الدخول الثابتة وجمهور الفقراء”.
من جانبه يقول الباحث الاقتصادي منار العبيدي، إن “كل العراقيين اليوم في قلق كبير من ارتفاع سعر الدولار امام الدينار لما له من تاثير كبير على حياة المواطن ولكن يجب قبل ان نصاب كلنا بالرعب والذعر ان نحاول الاجابة عن بعض الاسئلة اقتصاديا وبطريقة محترفة قبل التحدث اعلاميا واثارة قلق المجتمع الذي لا يحتاج نتيجة كثرة الازمات الى المزيد من القلق”.
ودعا العبيدي المعنيين بالاجابة على 5 اسئلة وسط هذه الاجواء المقلقة مع ارتفاع الدولار، وتتمثل الاسئلة الخمسة بـ”ما هو تاثير ارتفاع سعر الدولار الحقيقي على نسب التضخم وهل هنالك علاقة طردية واضحة المعالم بين نسبة ارتفاع الدولار وارتفاع نسبة التضخم ومدى ارتباطهما زمنيا؟، البنك المركزي ما زال يصدر اعتمادات لاستيراد البضائع بقيمة ١٤٦٠ دينار للدولار بعبارة اخرى من يستخدم الدولار لاستيراد البضائع فانه يشتري الدولار بالسعر القديم فهل سيلتزم التجار بالبيع بالاسعار القديمة اذا كانت الكلف ثابته ام سيقومون برفع الاسعار من اجل تحقيق ارباح اضافية قد تكون هي العامل الاكبر على نسب التضخم؟”.
واضاف متسائلا “ماهي القطاعات الاكثر تاثرا بارتفاع الدولار وما مقدار تاثيرها المباشر على حياة المواطن العراقي، على سبيل المثال ارتفاع سعر الايفون لا يعادل باهميته ارتفاع سعر كيلو طحين لذلك يجب ايجاد دراسة مستفيضة واضحة عن تأثير الارتفاع على كل قطاع وتقديم حلول لتقليل تأثيره حسب اهمية القطاع بدلا من محاولة ايجاد حل عام قد يكون مستحيلا في هذه المرحلة”.
وتساءل ايضا: “هل هنالك اي فائدة لارتفاع الدولار امام الدينار؟ بالتأكيد تأثير ارتفاع الدولار اثاره سلبية كبيرة على حياة المواطن ولكن يجب البحث عن بعض الاثار الايجابية ومنها على سبيل المثال قدرة المشاريع الانتاجية على المنافسة نتيجة ارتفاع اسعار المنتج كذلك العمل على تقوية النظام المصرفي واعتماد اساليب تحويل رسمية عبر مصارف الامر الذي سيشجع القطاع المصرفي على النمو والمساهمة في الناتج المحلي وكلا الامرين سيكون لهما انعكاسات على توفير فرص عمل حقيقية بعيدة عن القطاع الحكومي”.
واعتبر ان “السؤال الاهم: الى متى نتجاهل المخاطر الحقيقية لاعتماد العراق على الدولار في التجارة الدولية اعتبارا من مبيعات النفط ومرورا بالاستيراد ومتى سنضع استراتيجية اقتصادية مالية تعمل على تنويع الاعتماد على العملات لتشمل عملات اخرى للدول التي نعتمد على الاستيراد منها بشكل كبير مثل اليوان الصيني و الليرة التركية والدرهم الاماراتي؟”.
وختم قائلا انه “يرى الجميع بان ارتفاع سعر الدولار هو انهيار بالحقيقة الارتفاع اتى نتيجة اجراءات وليس نتيجة عوامل اقتصادية وربما سيكون لهذا الارتفاع نتائج ايجابية مهمة للاقتصاد العراقي وخصوصا في موضوع العمل وتقليل نسب البطالة والفقر اذا ما اقترنت باجراءات حكومية صحيحة تعمل على تشجيع مختلف القطاعات”.