يس عراق: بغداد
مازال تضارب المعلومات والتوصيات بشأن الوقاية من فيروس كورونا، مستمر بشكل مضطرد، في الوقت الذي يعزز الاتهامات والشبهات التي تحوم حول قرارات منظمة الصحة العالمية.
الكمامات تثير الجدل
وأشعل تحديث المعلومات الجديدة لمنظمة الصحة العالمية بشأن ضرورة ارتداء الكمامات في الاماكن العامة، الغضب مجددًا من تضارب قراراتها.
حيث أوصت في تحديثها الجديد الحكومات بمطالبة الناس بارتداء كمامات الوجه المصنوعة من القماش في الأماكن العامة للمساعدة في الحد من انتشار وباء كوفيد-19.
ومع ذلك، شددت منظمة الصحة، على أن الكمامات يمكن أن تزيد من المخاطر الصحية إذا قام الناس بتلويثها عن طريق لمسها بأيدي متسخة. وشددت المنظمة في التوجيهات الجديدة المدعومة بنتائج دراسات أجريت خلال الأسابيع الأخيرة على أن كمامات الوجه ما هي إلا واحدة من مجموعة من الأدوات التي تقلل خطر انتشار الفيروس.
وقال تيدروس أدهانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحفي على الإنترنت إنه ينبغي على الحكومات تشجيع استخدام الكمامات حيثما يكون هناك انتقال واسع النطاق للفيروس وحيث يصعب الحفاظ على مسافة آمنة من الآخرين، “مثل وسائل النقل العام أو في المتاجر أو في بيئات أخرى مغلقة أو مزدحمة”.
وقالت ماريا فان كيركوف الخبيرة بالمنظمة في مقابلة مع رويترز “ننصح الحكومات بتشجيع الناس على ارتداء الكمامات. ونقصد بالتحديد كمامات القماش، أي الكمامات غير الطبية”.
وأضافت “توصلنا إلى نتائج أبحاث جديدة. لدينا الآن أدلة تفيد بأنه في حال تنفيذ ذلك بالشكل الملائم فإنها (الكمامات) يمكن أن تشكل حاجزا … أمام الرذاذ الذي يحتمل أن يحمل العدوى”.
وكانت منظمة الصحة قد قالت في السابق إنه لا يوجد دليل يدعم أو يدحض استخدام الأصحاء للكمامات، وكانت توصي دوما بقصر استخدامها على الأشخاص المصابين ومن يقدمون لهم الرعاية.
عدم جدوى دواء الكلوروكين قيد “التشكيك”!
اسرعت منظمة الصحة العالمية للتحذير من استخدام علاج الملاريا هيدوركسي كلوروكين، بعد دراسة تحدثت عن ضرر العلاج على مرضى كورونا، إلا أنه بعد نشر الدراسة البحثية هذه، ظهرت بعض المخاوف بشأن دقة بيانات الدراسة دفعت باحثين إلى سحبها.
وقال ثلاثة من الباحثين القائمين على الدراسة إنه لم يعد في مقدورهم الدفاع عن دقتها، لأن شركة سيرجيسفير التي تقف وراء بيانات الدراسة، لم تسمح بعمل مراجعة مستقلة لتلك البيانات.
وكانت منظمة الصحة العالمية استندت إلى ما قالته الدراسة، وعلقت بدورها ما تجريه من اختبارات حول فعالية عقار الهيدروكسي كلوروكين في علاج كوفيد-19.
رئيس شركة سيرجيسفير، سابان ديساي، رابع الباحثين القائمين على الدراسة، قال لصحيفة الغارديان إنه مستعد للسماح بعمل مراجعة مستقلة، لكنه أضاف أن إتاحة البيانات من شأنها “المجازفة باتفاقيات أبرمت مع عملاء وبما يتطلبه ذلك من سرية”.
هل جاملت الصين؟
وقبل أيام، كشفت وكالة اسوشيتد برس الاميركية، عن وثائق تدل على تعمد الصين اخفاء معلومات كثيرة حول فيروس كورونا من بينها الشفرة الوراثية التي فككتها مبكرًا، فيما بين ان منظمة الصحة العالمية “أجبرت” على مجاملة الصين في محاولة للتمكن من الحصول على معلومات اضافية من قبل الصين.
وبحسب الوكالة التي كشفت عن تأخر متعمد من الصين على صعيد تقديم معلومات عن كورونا يقابله إحباط كبير بين مسؤولي المنظمة التابعة للأمم المتحدة لعدم حصولهم على البيانات التي يحتاجون إليها لمكافحة انتشار الفيروس القاتل، في الواقع انتظرت الصين أكثر من أسبوع لنشر الخريطة الوراثية أو جينوم الفيروس، على الرغم من نجاح ثلاثة من مختبراتها الحكومية في فك شفرة المعلومات بشكل كامل.
كما كشفت عشرات المقابلات التي أجرتها الوكالة ووثائق داخلية أن اللوم يلقى على الرقابة المحكمة على المعلومة والمنافسة داخل النظام الصحي الصيني، ولم تنشر المختبرات الحكومية الصينية الجينوم، إلا بعد إقدام مختبر آخر على نشره على موقع إلكتروني متخصص في الفيروسات في 11 يناير.
ورغم ذلك، عطلت الصين تقديم بيانات مفصلة عن المرضى والحالات لأسبوعين آخرين على الأقل، وفق تسجيلات لاجتماعات داخلية عقدتها المنظمة في يناير.
إلى ذلك تشير التسجيلات التي حصلت عليها أسوشيتد برس إلى أن مسؤولي منظمة الصحة كانوا يثنون على الصين علناً لأنهم كانوا يسعون للحصول على معلومات من حكومة بكين. إلا أنهم كانوا يشتكون خلال اجتماعات عقدت خلال أسبوع السادس من يناير، من أن الصين لا تقدم معلومات وبيانات كافية لتقييم كيفية انتشار الفيروس بين الأفراد أو الخطر الذي يشكله على بقية العالم، ما كلف الكثير من الوقت.
وخلال أحد الاجتماعات الداخلية، قالت ماريا فان كيرخوف، وهي عالمة أوبئة أميركية والقائدة الفنية لاستجابة منظمة الصحة لكوفيد-19: “نعمل وفق معلومات شحيحة جداً”، مضيفة أن ذلك يعيق الجهود الرامية لمكافحة الفيروس.
البرازيل على خطى أميركا: الانحياز العقائدي!
وهدد الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو بسحب بلاده من منظمة الصحة العالمية احتجاجا على “انحيازها العقائدي” في وقت أعلن نظيره دونالد ترامب أن الاقتصاد الأميركي يتعافى من وباء كوفيد-19 وسعت أوروبا إلى إعادة فتح حدودها.
وانتقد بولسونارو منظمة الصحة لتعليقها التجارب السريرية لعلاج مرضى الفيروس بعقار الهيدروكسي كلوروكين — قرار تراجعت عنه هذا الأسبوع — وهدد بالسير على خطى ترامب بالانسحاب من المنظمة، ليؤجج العاصفة السياسية المحيطة بالوباء وأصله وأفضل الطرق للتصدي له.
وقال بولسونارو للصحافيين في برازيليا “أقول لكم هنا أن الولايات المتحدة غادرت منظمة الصحة العالمية ونحن نفكر بذلك في المستقبل”. وأضاف “إما أن تعمل منظمة الصحة العالمية بدون انحياز عقائدي أو نغادرها نحن أيضا”.
وطوال أزمة وباء كوفيد-19، سار بولسونارو على خطى ترامب عبر التقليل من خطورة المرض والدعوة إلى الإبقاء على النشاط الاقتصادي بوضعه الطبيعي. وانتقد إجراءات السلطات الرسمية الداعية للزوم المنازل وأشاد بفاعلية عقار الهيدروكسي كلوروكين والكلوروكين المستخدم في علاج الملاريا، لعلاج مرضى كوفيد-19.
شاهد ايضا:
بين الشرق والغرب.. هل جاملت منظمة الصحة العالمية بعض الأنظمة وأعطت معلومات خاطئة بشأن “الكمامات”!