وتم التوصل للمدينة قبل نحو 4 سنوات فقط، بعد ان كانت ضائعة ويعتقد انها في ايران او ميسان، قبل ان يتوصل الباحث الدكتور عادل هاشم في جامعة البصرة بالتعاون مع باحث يوناني إلى أن مدينة (خاراكس) الضائعة التي بناها الإسكندر المقدوني قبل الميلاد بثلاثة قرون وحيرت العلماء تقع في منطقة ريفية شمالي محافظة البصرة، في حين كانت معظم الآراء ترجح وجودها في محافظة خوزستان الإيرانية أو محافظة ميسان.
وقال معاون عميد كلية الآداب للشؤون العلمية والدراسات العليا الدكتور عادل هاشم حينها، إن “الدراسة التي أعددتها بالتعاون مع باحث يوناني من جامعة قبرص توصلت إلى أن مدينة (خاراكس) التي تعد من مدن العالم القديم لا تقع في مدينة المحمرة، ولا مدينة العمارة، وليس ضمن قضاء أبي الخصيب”، مبيناً أن “المدينة التأريخية تقع في ناحية النشوة التابعة إدارياً لقضاء شط العرب ضمن محافظة البصرة، وتحديداً في قرية مجاورة لحقل مجنون النفطي تسكنها عشائر آلبوبصيري”.
وأشار هاشم إلى أن “الأدلة التي استندنا عليها في تحديد موقع (خاراكس) تشمل خرائط ومصادر يونانية قديمة”، موضحاً أن “المنطقة تعرف شعبياً لغاية الآن باسم (خيابر)، ومفردها (خيبر) بمعنى المدينة المسورة في اللغة العربية، في حين أن كلمة (خاراكس) تعني أيضاً المدينة المسورة باللغة الآرامية القديمة، وتقابلها باللغة اليونانية كلمة (ميشان)، وهذا التشابه اللغوي يعد دليلاً إضافياً على ان (خيابر) هي نفسها (خاراكس)”.
ولفت الباحث المتخصص في تأريخ العراق القديم الى أن “ما يؤسف له أن المنطقة تشهد من حين لآخر تنقيبات عشوائية من قبل بعض الأهالي تستخدم فيها أحياناً آليات انشائية ثقيلة، وما يحد من تلك الأعمال غير القانونية وجود شائعة شعبية تفيد بأن المنطقة الأثرية مسكونة بالأرواح”، مضيفاً أن “(خاراكس) ليست مدينة تاريخية اعتيادية، فقد بناها الاسكندر المقدوني، وأطلق عليها اسم (اسكندرية دجلة) لتمييزها عن المدن الاسكندرية (الاسكندريات) الأخرى التي أمر ببنائها، ولأهميتها التأريخية الكبيرة أدعو الى اجراء تنقيبات في موقعها لاكتشاف آثارها”.
وأكد الباحث أن “مدينة (خاراكس) كانت تقع عند مفترق طرق نهرية، وقد شيدت على مرتفعات متاخمة لضفاف نهر الكارون القديم حين كان يصب في شط العرب من جهة قضاء القرنة حالياً”، موضحاً أن “مرئيات حديثة تم تصويرها بواسطة الأقمار الصناعية أظهرت آثار المجرى القديم لنهر الكارون في تلك المنطقة”.
يشار إلى أن (خاراكس) هي مدينة تأريخية أنشأها الإسكندر الثالث المقدوني سنة 324 ق م، وغالبية الآراء كانت تشير الى أن المدينة تقع قرب مدينة المحمرة ضمن محافظة خوزستان الإيرانية، وبعض الآراء كانت تفيد بأنها تقع في محافظة ميسان، وهناك من يعتقد انها قرب قضاء أبي الخصيب الواقع جنوب محافظة البصرة، لكن الدراسة الجديدة قدمت إضافة جوهرية تستند على أدلة عملية قوية.
وكان الإسكندر أنشأ امبراطورية عظيمة امتدت حدودها من سواحل البحر الأيوني غربا الى جبال الهيمالايا شرقا، وأسس عدداً من مدن العالم القديم، بعضها معروفة مثل مدينة الاسكندرية في مصر، وأخرى مجهولة الموقع مثل (خاراكس) التي زارها الامبراطور الروماني تراجان سنة 116 ق.م وأبهرته عظمتها، كما تحدثت العديد من المصادر عن حركتها التجارية النشطة، لكن تلك المدينة اندثرت دون أن تترك أثراً ظاهراً يشير الى موقعها.