يس عراق: بغداد
تعد مسألة التعامل مع التمور في العراق من قبل الحكومة، إحدى مصاديق الاهمال الحكومي وسوء التخطيط تجاه واحد من أهم المحاصيل الستراتيجية والتي تعد ايقونة العراق الذي كان مصدرًا للتمور لجميع دول المنطقة وعدد كبير من دول العالم لما يحتويه من أعداد كبيرة من النخيل قبل سنوات.
وبالرغم من ان قطاع التمور شهد انتعاشا جزئيًا في العامين الاخيرين وعودة ارتفاع عدد النخيل ليرتفع الى 19 مليون نخلة في 2020، وهو عدد لايعادل سوى 59% مما كان يمتلكه العراق من نخيل في الخمسينيات حيث وصل عدد النخيل لاكثر من 32 مليون نخلة، قبل ان تنخفض اعداد النخيل لتصل فقط الى 15 مليون نخلة في 2012.
وبالرغم من ذلك، الا ان الحكومة لم تحيي هذا القطاع حتى كانت تشتري التمور من الفلاحين بـ150 الف دينار للطن ليذهب كعلف للحيوانات، وسط غياب المخازن القادرة على حفظ المنتج، فضلا عن غياب تام لمعامل التعليب الجيد والصناعات التحويلية التي تساهم برفع العملية التسويقية وتصدير المنتج.
مدير زراعة كربلاء، مهدي حسن الجنابي، اكد ان “الزحف السكاني” بدأ يقلل النخيل والتمور سنويًا، بالتعدي على البساتين، فيما طرح ضرورة ان تتعامل الحكومة مع التمور كما تتعامل مع الحنطة، أي تقوم بشرائها من الفلاح وتسويقها.
وقال الجنابي إن “تمور كربلاء تعد من الأشهر على مستوى المحافظات، ويصل إنتاجها السنوي إلى 165 الف طن سنوياً”، مبينا أن “الإنتاج السنوي بدأ بالنقصان بسبب التعدي على البساتين من مناطق سكنية وخاصة من منطقة الحسينية”.
وأشار الجنابي، إلى أن “الفلاح يشكو قلة الاهتمام الحكومي بقضية تسويق التمور، مما يستدعي تدخل الدولة والوزارات المختصة كالتجارة بالأمر”.
ولفت المسؤول المحلي، إلى أن “الفلاح يحتاج أيضاً إلى دعم وزارة الزراعة لدعم المخرجات أي أن تتسلم التمور من الفلاح وتتبنى عملية تسويقها كما يحدث مع المحصول الاستراتيجي أي الحنطة”.
الا ان هذا المقترح كانت وزارة الزراعة كانت قد غادرت هذا الامر فعليا منذ عامين واعتبرته “فاشلًا”، حيث اكدت وزارة الزراعة حينها انها “منعت الشركة العامة لتسويق التمور من تسلم التمور من الفلاحين، لان مخازن الشركة غير صالحة لاستلام المحصول، حيث كانت الشركة تمنح الفلاح 200 الف دينار للطن الواحد، اي تنفق 250 مليار لشراء التمور، ليتحول بالنهاية كعلف للحيوانات.
الا ان الوزارة لجأت لان يقوم المستثمرون بشراء التمور من الفلاح وتعليبه وتصديره الى الخارج، وبذلك ارتفع سعر التمور من 200 الف دينار، الى اكثر من 700 الف دينار للطن الواحد، أي اصبح انتاج العراق الجاهز للتصدير والبالغ قرابة 800 الف طن سنويًا، قادر على جلب قرابة 600 مليار دينار عراقي، او نحو نصف مليار دولار سنويًا.
وبدلًا من ان تستثمر وزارة الزراعة او التجارة هذا الامر، بشراء محصول التمر من الفلاح بسعر معين لتقوم بتصديره والاستفادة من الاموال التي من الممكن أن يدرها، الا ان الدولة تترك هذه المهمة الى المستثمرين، وتخسر قرابة ربع مليار دولار من العملة الصعبة التي من الممكن أن تدخلها الى خزينة الدولة.